محمد الرياني
أيُّ ثلاثيٍّ هذا الذي اجتمعَ اليومَ في المقهى؟
اجتمعتْ حرارةُ الصيفِ وحرارةُ القهوة وحرارةُ المشاعر .
لا أعلمُ سرَّ اجتماعِ هذا الثلاثي في الصيفِ أو مع الصيف .
اليومَ هو يومُ إجازة ، الهدوءُ في الشوارعِ يحفِّزُ لقيادةٍ
آمنةٍ ويجعلُ مدى الرؤيةِ للأماكنِ رائعًا.
منذُ زمنٍ لم أرَ المشاعرَ تتسعُ كاتساعِ كوبِ القهوةِ الذي
سأتناوله ، دخلَ الصيفُ بقوةٍ وبعنفوان ، والأرضُ من
شدِّةِ الحرارةِ تكادُ تمتصُّ كلَّ سائلٍ مثلَ مُغرمٍ باحتساءِ
قهوةٍ ساخنةٍ في مساءٍ بارد ، كوبُ القهوةِ الأزرقِ
يذكِّرني بلونِ البحرِ الذي اعتدتُ السباحةَ فيه في
مساءاتِ الصيفِ وصباحاتِه مع وبعد انحسارِ الحرارة ،
قبل منتصفِ النهارِ وعند الساعةِ العاشرةِ والنصفِ
استقرَّ كوبُ القهوةِ أمامي ، اللونُ البنيُّ الأنيقُ يشعرني
بسُحنةِ المشاعرِ الرقراقة ، ذاتَ مساءٍ كانتْ تنظرُ
نحوي بعينينِ واسعتينِ تشبهانِ استدارةَ الفنجان ،
يالها من لحظةٍ ساخنةٍ جمعَها الصيفُ في معطفِ
حرارتِه ! ويالَه من حضورٍ فخمٍ في حَضرةِ الحرارة !
شعرتُ بالفخرِ كوني أتخيَّلُ نفسي الوحيدَ الذي جمعَ
روعةَ المشاعرِ وحرارةَ اللقاءِ في نهارِ صيف ، الهروبُ
من عَتمةِ الأماكنِ الموحشةِ نحوَ لونِ النهارِ اللامعِ
الوهاجِ يبدو رائعًا جدًّا ، الثلاثيُّ الجميلُ ؛ المشاعرُ
ولهيبُ الصيفِ وحرارةُ القهوةِ شكَّلتْ مزيجًا لا يوصف
، احتسيتُ القهوةَ على مهلٍ كي يمرَّ النهارُ كما أريد ،
يسألني الذي وضَعَ الكوبَ على الطاولةِ عن حرارةِ
القهوة ، هززتُ رأسي وأنا أبدو أكثرَ سعادةً بأنَّها كما
أريد ، لم أُشعره بحرارةِ المشاعرِ التي بداخلي ، روعةُ
الصيفِ وروعةُ المشاعرِ ذكَّرتْني بعينين واسعتينِ
تُشبهانِ استدارةَ كوبِ القهوةِ الفاخر .
