الصوت الجميل


حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري
الصوت الجميل له أثر ٌفي النفوس البشرية إما سلبا وإما إيجابا ؛ ولذا شرع الله أن يكون المؤذن حسن الصوت لما له من تأثير في نفوس المصلين ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبدِ اللهِ بنِ زيدٍ رضي الله عنه في قصة رؤياه للأذان : ( إِنٌَهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللهُ ؛ فقُمْ مع بلالٍ ؛ فألْقِ عليه ما رأيتَ ؛ فليؤذِّن به ؛ فإنَّه أنْدَى صوتًا منك ) رواه أبو داود في سننه ، وصححه الألباني في إرواء الغليل برقم ٢٢٠ ؛ ولأهمية الصوت الحسن في شريعة الإسلام لما له من تأثير في نفوس سامعيه شُرِعَ للقارئين لكتاب الله أن يتلوه بحسن أداء وصوت حسن ؛ وصدق الله تعالى إذ يقول : ( ورتل القرآن ترتيلا ) المزمل : ٤ ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه : ( لو رأيتُني و أنا أستمِعُ قراءَتَك البارحةَ ، لقد أُوتيتَ مِزمارًا من مزاميرِ آلِ داودَ ) رواه البخاري ومسلم ؛ وفي رواية النسائي في السنن الكبرى ، وصحح إسنادها الألباني في السلسلة الصحيحة رقم ٣٥٣٢ : ( لو كنت أعلمتني لحبرت ذلك تحبيرا ) والتحبير هو تحسين الصوت وتزيينه بالقرآن ؛ ولاهمية الصوت الحسن في شريعة الإسلام أباح النبي صلى الله عليه وسلم أن يحدو به الشعراء في أسفارهم ؛ ولكن بأصوات لاتشبه أصوات المنشدين والمغنيين اليوم ؛ وما صاحبهم من مؤثرات صوتية ؛ وأدوات موسيقية ؛ وقد جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَسِيرٍ له ؛ فَحَدَا الحَادِي ؛ فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : ارْفُقْ يا أنْجَشَةُ ؛ ويْحَكَ بالقَوَارِيرِ ) يعني النساء اللاتي يركبن الابل ويُخاف عليهن من الضرر بسبب سرعة الابل حين سماعها لصوت الحادي ؛ فمن آتاه الله صوتاً حسناً ؛ فليحمد الله عليه ؛ وليشكر المنعم جل وعلا على ما أعطاه من صوت حسن ؛ وليحذر من استعماله فيما نهى الله عنه ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( صوتان ملعونان في الدنيا والآخرةِ : صوتُ مزمارٍ عند نِعْمةٍ ؛ وصوتُ رنةٍ عند مصيبةٍ ) أخرجه البزار في مسنده ؛ وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم ٣٨٠١ ؛ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” والمراد بالصوتين صوت عند المصيبة يعني بذلك صوت النائحة ؛ وصوت الفرح صوت الطرب الذي هو الغناء ” قال ابن مسعود رضي الله عنه : ” الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع ؛ وإن الذكر ينبت الايمان في القلب كما ينبت الماء الزرع ” رواه ابن نصر في قدر الصلاة ١٥١ / ٢ بسند جيد ؛ قال الإمام ابن القيم رحمه الله في نونيته :
حب الكتاب وحب ألحان الغنا … في قلب عبدٍ ليس يجتمعان
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا … تقييده بشرائع الإيمان
واللهو خف عليهم لما رأوا … ما فيه من طرب ومن ألحان
قوت النفوس وإنما القرآن قوت القلب أنى يستوي القوتان ؛
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها ؛ وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين . اللهم آمين .