السعادة الحقيقية


حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري
كل منَّا يريد السعادة الحقيقية ويبحث عنها بكل ما أوتيه من قوة ؛ فهل يا ترى نجد السعادة بكثرة الأموال والزوجات والأولاد ؟ أو هل نجدها في رؤية المرأة الحسناء والمناظر الجميلة ؟ أو هل يا ترى نجد السعادة بنيل الشهادات العالية ، والحصول على المناصب المرموقة ؟ أو هل نجدها بسعة الدور ؛ وضخامة القصور ؛ والسيارات الفارهة ؟ أو هل يا ترى ننال السعادة بغيرها مما لم أذكر .
إن السعادة الحقيقة نالها من نالها بالإيمان بالله ؛ والإقبال على الله بالعلم النافع ؛ الذي يورث العمل الصالح ؛ ولو كان المسلم فقيرا ؛ ولو كان المؤمن مريضاً ؛ أو عبداً وضيعاً في أعين الناس ما دام معه ذلك الايمان الذي ملأ الله به قلبه ؛ ونور به بصره وجوارحه بالعمل الصالح على مقتضى كتاب الله ؛ وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ الذي يرضى به عنه ربه ؛ وينال به الدرجات العلا ؛ والنعيم المقيم في الجنة ؛ فحقاً من فعل ذلك فهو من السعداء بحقٍّ وحقيقة ؛ وقد قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ( النحل : ٩٧ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( ذاقَ طعمَ الإيمانِ من رضيَ باللَّهِ ربًّا ، وبالإسلامِ دينًا ، وبمحمَّدٍ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم رسولا ) رواه مسلم في صحيحه ؛ قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في الوابل الصيب : ” ما يَصنَعُ بي أعدائي ؟ إنَّ جَنَّتي وبُستاني في صَدري أين رُحت فَجَنَّتي مَعي ولا تُفارِقُني ؛ إنَّ حَبسي خلوةٌ ؛ وإخراجي مِن بلدي سياحةٌ ؛ وقتلي شهادة ”
وقال الشاعر :
وَلَستُ أَرى السَعادَةَ جَمعَ مالٍ
وَلَكِنَّ التَقيَّ هُوَ السَعيدُ
وَتَقوى اللَهِ خَيرُ الزادِ ذُخراً
وَعِندَ اللَهِ لِلأَتقى مَزيدُ
ومن أسباب السعادة أن يجمع الله للعبد بين خيري الدنيا والآخرة ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ) رواه مسلم في صحيحه ؛ وقال صلى الله عليه وسلم : ( أربعٌ من السعادةِ : المرأةُ الصالحةُ ، والمسكنُ الواسعُ ، والجارُ الصالحُ ، والمركبُ الهنيءُ ؛ وأربعٌ من الشَّقاءِ : الجارُ السوءُ ، والمرأةُ السوءُ ، والمركبُ السوءُ ، والمسكنُ الضَّيِّقُ ) رواه ابن حبان في صحيحه ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب برقم ٢٥٧٦ وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى اللهَ ، وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى اللهَ ) رواه أحمد ، وصححه الألباني في الصحيحة برقم ١٧٤ وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه : ( يَا عَمْرُو نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ ) رواه أحمد ؛ وصححه الألباني في مشكاة المصابيح برقم ٣٧٥٦
وقال الشاعر :
ما أحسَنَ الدِّينَ والدُّنيا إذا اجتَمَعا
وأقبَحَ الكُفرَ والإفلاسَ بالرَّجُلِ
والله نسأل أن يسعدنا وإياكم دنياً وأخرى ؛ وجميع الأهل والأحباب ؛ وأن يجعل خير أعمالنا أواخرها ؛ وخير أيامنا يوم نلقاه ؛ وقد رضي عنا وأرضانا . اللهم آمين .