كبرنا
ثريا دهلوى
كبرنا وصار الهمس ضجيجاً
كبرنا لم نعد قادرين على حمل أثقال الحياة وهمومها ، أصبحنا نركن إلى الهدوء والتقليل
من الاجتماعات التي لا فائدة منها سوى
القيل والقال .
كبرنا نتجنب الجدالات ولا نكثر الدخول في مناقشات عقيمة .
كبرنا واختلفت عاداتنا نُحبُّ النوم مبكرا كي نصحو مبكرا .
لم تعد تستهوينا تلك المناسبات التي فيها ضجيج وارهاق للنفس .
أصبحت الروح تحب الهدوء والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة منظر الورود الجميلة التي تنعش النفس وتبث الحياة
ومنظر البحر واضطراب أمواجه وكأنه يحدثك بصمت ويشعر بشعورك وأنت تتأمل فيه خاصة عند غروب الشمس وهي تودع البحر ما أجمله من منظر يستهويك ويحلق بك نحو السحاب .
كبرنا وصرنا نبحث عن أصدقاء الزمن الجميل
أصدقاء الطفولة أيام البراءة والمحبة .
نتذكر أيام المدرسة وصديقات تلك المرحلة من العمر حيث الحب والاخلاص والوفاء أيام لا تنسى ، تلامس القلب فنشعر بصدق ذلك الزمن الذي يضمنا بلا خداع ولا غش كان ممزوجا بمشاعر صادقة .
تذكرت ذلك البيت الصغير الذي كان يضمنا
أنا واخوتي رغم صغره كان كبيراً بالحب
الذي يحتوينا لم نتذمر أو نشكو من شيء كنا فرحين تملأ روحنا السعادة .
كانت الأخوة والمحبة شعارنا يملأ ذلك المنزل
روح الوالدة التي كانت تتسم بالعطاء والحب
وبذل الغالي والنفيس من أجلنا ومن أجل الجميع .
أما الوالد عظيماً بحنانه وحبه وضحكته الممزوجة بالرضا والراحة لم يكن مثل آباء ذلك الزمن قاسيا بل أبا حنونا محبا همه اسعادنا
كان يبذل الغالي والنفيس لدراستنا لنكون
نابغين وناجحين والحمد لله على ذلك .
كبرنا نتذكر تلك الأوقات التي لن تنسى .
الان نحن الأمهات نتذكرهم وندعوا لهم بالرحمة ربونا فأحسنوا تربيتنا الحمد لله .
الذكريات الجميلة تشعرنا بالنشوة والفرح
شتان بين ذلك الزمن وزمن أولادنا
القناعة هي رمز حياتنا نرضى بالقليل
ولا نطلب الكثير .
فما أجمل القناعة التي كنا ومازلنا نتحلى بها
وشتان بيننا وبين جيل هذا الزمن .
الفرق أن مباهج الحياة زادت وطغت المادة
على أسلوب معيشتنا لذلك قلّت القناعة
وزادت المطالب والمظاهر بين أفراد المجتمع
وأصبحت الروح مملّة وماديّة .
ما أجمل الروح التي تحب البساطة وتشعر
بالرضا الحمد لله على القناعة والرضا والانسجام الحمد لله على الصدق والوفاء