الدائرُ ومساءُ البُنِّ
محمد ريانى
أنتِ التي سكنَ السحابُ أعلاكِ ، وأنتِ التي استوطنَ الهتَّانُ أدناكِ، أنتِ التي تدورين مثلَ حسناءَ في ليلِ سعادتها، بل أنتِ التي جمعتِ كلَّ السحابِ لينبتَ كلُّ شيءٍ حولك، ما أروعَ الدائر التي زرتُها في مساءِ البُنِّ ، جئتُ لأرى الذي أحبَّ أرضها، كي أستروحَ شذاهُ أمامَ الجباهِ الأصيلةِ التي زرعَتْه وسطَ البهجة، ومن أجل أن يكونَ للمكانِ نكهةٌ كالقهوةِ السعوديةِ الأصيلة، حضرَ معي ليشاركني الوقتَ السعيدَ (عليٌّ ولمار) صغيرةٌ تريدُ أن ترى الجبلَ والسماءَ الفاتنةَ والرجالَ الطيبين، وشابٌّ ليكتبَ في مذكراتِه عن الجبلِ والبُنِّ والملامحِ الشجاعة ، وعن المهرجانِ وجمالِ المكانِ وروعته، هي قطعةٌ من وطنٍ رائعٍ جمعَ ديباجَ الجَمالِ كلِّه في مساحةٍ تبدو للناظرِ رقعةً من خيالٍ سكنَ الواقع، قضينا ساعتين على أرضِ المهرجانِ في مساءٍ جميلٍ كعُرسٍ واحتساءِ قهوةٍ سعوديةٍ في ليلةٍ قمرية، كلُّ الوجوهِ التي قابلناها تتألقُ من الفرحِ مثلَ تطوافِ السحابِ في هذه المحافظةِ الجميلة، وحفاوةٌ استثنائيةٌ بلغةٍ راقيةٍ كرقيِّ المكان ، أيُّ روعةٍ لهذه الجميلةِ التي تحتضنُ البُنَّ والسحابَ والرجالَ الطيبين؟ ليلةٌ فريدةٌ تلك التي سجلناها في الذاكرةِ ؛ أبطالُها رائحةُ البُنِّ ونسائمُ الجبلِ وشذى النباتاتِ التي تسكنُ رؤوسَ السراةِ، ورجالٌ سمقوا كالجبال ، غادرْنا المكانَ وقد انتصبتِ الأنوارُ على رؤوسِ المرتفعِ مثلَ النجوم ، والأمنُ والأمانُ يُحيط بنا من كلِّ اتجاه ، عِشنا فرحةً واحدةً في مهرجانِ البُنِّ ، ودَّعنا الدائرَ وكُلُّنا شوقٌ من أجلِ أن نكتبَ في مساءاتٍ قادمةٍ ذكرياتٍ جديدة ؛ ليسَ عن البُنِّ وحدَه ولكن عن جغرافيةٍ رائعةٍرسمتْ روعةَ هذا الوطنِ الأشم.