جبر الخواطر


العنود ناصر السرحان
عينانِ حائرتانِ تنظرانِ بترقبٍ للمجهول
يغشاهما الحزنُ حيناً والخوفُ حيناً آخر ،
ومنْ ذلكَ المزيج يتحجرُ دمعٌ صامت
يخشى أنْ يرفَّ الطرفُ فيسقط ،
ولكنْ بكلمةٍ مُطَمْئنةٍ مع بسمةٍ لطيفة
منْ قلبٍ صادق ستسقطُ هذهِ الدمعة
وحينئذ ٍ ستكونُ قد حملتْ كلَّ التعبِ و رحلتْ بهِ بعدَ أنْ جبرتْ تلكَ الكلمةُ هذا الخاطرِ المكسور .
إنَّ جبرَ الخواطرِ يدٌ منْ نورٍ تَعْبُرُ منْ شقوقِ روحٍ شارفتْ على الهلاكِ لتُطبْطب على قلبٍ جَرحَهُ الخذلانُ أو تمسحَ دمعةَ عين أبكتها الآلآمُ ، أو تحتوي جسداً أنهكهُ الوجع .
هو خُلقٌ عظيمٌ لهُ بالغُ الأثر ، يأتي منْ عُمقِ الإنسانية ، من شخصٍ لمسَ ألمَ مَنْ أمامهُ ويحاولُ إدخالَ السرورَ إليه .
و إنّ أهم و أولى نفسٍ يجبُ عليكَ جَبْرها هي نفسكَ التي تسكنُ بينَ حناياك ، و تحمَّلتْ منَ الغيرِ الكثير
ومنكَ أكثر حينما تجْلدها بلا وعي
و تكسرها بلا رحمة ، و منْ بعدها يأتي الجميع .
أخبرْ نفسكَ أنها تستحق الفرحَ ، والأمانَ والسلام ،أخبرها بأنَّ النسمةَ الرقيقة خُلقتْ لتعطِّر أنفاسها ، والشروقُ البهيُّ جاء ليعطيها الأمل ، و المطرُ هطلَ ليغسلَ أوجاعها ولترقصَ تحتهُ مبتهجةً ، ثمَّ انطلقْ بهذا الخُلق لمنْ تلقَى منَ البشر .
فهذا العالمَ مليء بالأرواحِ الموجوعةِ ، تجدُ أحدَهم على وشكِ التلاشي ، وآخر يتَجلّدُ بالصبر ، والكثير يقاوم الظروفَ ويتفانى في الإنخراطِ بمتعِ الحياة .
فمثل ما أنَّ تلكَ المواقف تهزُّ وتجرح ، إلا أنَّ الكلمات الطيبة تُحيي ما هلكَ في النفوس.
فمنَ الإنسانية أنَّ تَمشي بهذا النور مع نفسِكَ وبينَ الناس ، و هنا لا أتحدثُ عنْ أفعالٍ عظيمةٍ بل أتحدثُ عن أبسطِ مايستطيعُ عليه المرء ، عنْ كلمةٍ حانيةٍ مُطَمْئنةٍ تُهونُ ألماً و تُطيبُ قلباً و إبتسامةٍ تزرعُ الأملَ في لحظةٍ يُطْبقُ فيها ظلامُ اليأسِ على النفس.
لحظةُ جبرِ الخاطر لحظةٌ خالدة ، تبقى مرسومةً في الذاكرة ،لأنها لحظة أضاءتْ عتمةَ الإنكسارِ وأشعلتْ في القلبِ قناديلَ الفرحِ والإبتهاج .