الزيارات والجيران …..”٢”
تعقد الكثير من أمور الحياة، وكثرة الملهيات، ووسائل الإعلام وما يعرض في بعضها، يقسّي القلوب ويزيد الهوة والفجوة داخل المجتمع المسلم المتماسك، مع عدم وجود الشجاعة الأدبية والأجتماعية في التعرف على الجيران، وكذلك أتساع النمو المدني والمعماري، والتوسع العمراني وتباعد المساكن، فكل ذلك له آثاره التي لا يمكن إغفالها، ومن هنا يكون الدور مهم جدا لبعض أهل الحي في زيادة التواصل بين الجيران، وتفقدهم في العموم، وإقامة الزيارات الدورية لإقامة الألفة بينهم والمودة، والتعاون على البر والتقوى، ومناقشة أوضاع ومشاكل الحي وطرحها، وإيجاد الحلول الناجعة لها.
ومن الزيارات في الحي عيادة المريض وما فيها من نفع أجتماعى ونفسي كبير للمريض ولزائريه، وهي مجال جميل وقوي جدا لزيادة التواصل والتقارب، فقد يتحرج البعض من البدأ بالزيارة، أو دعوة الآخرين لزيارته، ولكن مثل هذا الظرف الصحي يكون فرصة مواتية ومبررة لأداء حق شرعه الله، فالمريض عندما يزوره أهل الحي وجماعة المسجد سوف يشعره ذلك بالسعادة الغامرة، ويعرف مكانته لديهم، وسيكون ذلك عاملا مساعدا في تطييب نفسه، حيث أن نفس المريض تكون رقيقة ومقبلة على الله لاجئة إليه، وكذلك ستكون هذه الزيارة دافعا قويا للتواصل معهم وخاصة بحضوره لصلاة الجماعة.
ولمثل هذه الزيارات دور أساس في تنشيط شريحة كبيرة من المجتمع تحوي أصنافاً من الناس ثقافة وحسباً ومكانة، وفيها تعارف وتقارب لعموم المجتمع، ومن تجربة هذا الحي يستفيد ذاك الحي، وما أستفاده ذاك الحي وزاد عليه صار نموذجا لحي آخر، وهكذا تنتقل التجربة الرائدة فيعم نفعها.
بعض هذه الزيارات تكون ما بين المغرب والعشاء، لمناسبة هذا الوقت في الغالب للمجموعة، وحتى لا يحصل الملل للحضور، والأمر متروك لأهل الحي لتحديده كما يرتضون.
لقد حضرت عددا من هذه الزيارات الودية الأسبوعية في عدد من الأحياء والتي تقام في المنازل، فكان المجلس يكتظ بالزائرين وتكثر المحادثات، وتنثر الابتسامات، بل وما أكثر ما تتعالى الضحكات، إنها بحق لقاءات تقرّب، القلوب وتنمّي الإحساس الجميل، والشعور الطيب بنعمة الجوار، والصحبة الصالحة.
تنامي مشاعر المحبة بين الجيران وتقوية روابطهم غاية من غايات الروح الاجتماعية في الإسلام.