الأدب والشعر

ملهاة سرسوعة

بقلم سيد جعيتم

بقلم سيد جعيتم

ملهاة سرسوعة

تُسْرِع سرسوعة كلبةُ عبد الهادي الكلاف لتعيد عصا يلقيها ولد صغير ، يكرر الصغير إلقاء العصا وتحضرها سرسوعة فرحة تهز ذيلها وتتمسح في قدمه.

وديعةٌ، الغدر ليس من شيمتها، عظامها ظاهرة ككل أهل القرية، صوت نباحها خافت، تشاركها القطط والفئران طعامها.

عبد الهادي الكلاف، غلبان، مسالم ككلبته، يخدم تحت بهائم العمدة، تسبقه رائحة روث البهائم، يرى ويسمع ولا يتكلم عما يراه في دوار العمدة، جائزته بواقي مائدة العمدة، أسعد لحظاته عندما تتقافز سرسوعة حوله لتأخذ نصيبها من خير العمدة.

اليوم موعد أخذ حقنة الطرطير المقيئ، وقف ضمن طابور طويل أمام تومرجي النقطة الصحية، يمسك بحقنة زجاجية كبيرة مملوءة بالدواء، الكل يشمر عن كُم جلبابه، يغرز التومرجي الحقنة، يخرجها ويغرزها في يد غيره.

غالبًا ما يصاب عبد الهادي بالقيء، فيجلس علي الأرض ساعة ليستريح، دخل عبد الهادي حجرة الطبيب، يشكي له أن الدم لم ينقطع من بوله، لاحظ الطبيب اصفرار عين عبد الهادي، تيقن من أصابته بالتهاب الكبد الوبائي.

قال العمدة لعبد الهادي:

– مالك كده ضعفان وتعبان.

– الدكتور يا حضرة العمدة قالي أني محتاج للراحة شهر علي الأقل.

– أمشي أنجر شوف شغلك.

 

يسحب عبد الهادي بهائم العمدة.

لمح بهية خادمة العمدة اكتملت أنوثتها وأصبحت تلفت الأنظار إليها، لم ينفذ العمدة وعده بتزويجها لعبد الهادي.

 

في الترعة أنزل جاموسة، نهرته إحدى سيدات البلد، طالبته بالابتعاد بالجاموسة، فهي وستات البلد يغسلون الأواني ويملأون بلاليصهم من هذه المنطقة.

عاصفةٌ من العغار تعم المكان وَصَوَّتْ زمجرةٌ يعقبها نباحٌ شديدٌ يصم الأذان، سارع الأهالي بالتنحي، جبارا كلب العمدة الضخم يعدو مسرعًا، يعتقد الجميع أنه هجين بين الذئب والكلب.

ارتعدت سرسوعة وتكومت على نَفْسهَا، كلب العمدة لا يحبها، ونالها منه كثيرٌ من الأذى.

تجاوز جبار سرسوعة، هجم على الولد، تيبس جسده من شدة خوفه لم يستطع الحراك، تعالى صراخه من آثار العض في يده وقدمه.

 

جالت سرسوعة بنظرها بين الواقفين يشاهدون ما يحدث، نبحت لم يجرؤ أحد علي التقدم لإنقاذ الصغير.

 

غضبت، هبت واقفةً لتحول بين كلب العمدة والولد، رفعت ذيلها، استعدت لخوض معركة غير متكافئة، نبحت بصوت مسموع للمرة الأولى.

أنشب جبار أسنانه في رقبتها، ظلت تئن حتى صمتت.

وصل الخبر لعبد الهادي، ترك الجاموسة في الماء، تحول لثور هائج، فر جبار أمامه، احتضن سرسوعة باكيًا.

تكالب أهل البلد علي إخراج جاموسة العمدة من الماء.

 

نقل الولد للعلاج، تكفل العمدة رجل الخير بعلاجه، تقدم أهل البلد للشهادة، تم القبض علي عبد الهادي الكلاف، أقفل محضر الشرطة علي أن سرسوعة هي الجانية.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى