تجنب المبالغة في الأمور


الكاتبة : ندي فنري
يرد في كلامنا تعابير كثيرة نقصد بها المبالغة بالفعل ، أو الحدث .
المبالغة ،يعني التضخيم
و قد نبالغ في الحب ،
و في الكره، أو الأكل ،
أو الكلام ،أو حتى في ردة الفعل .
يعتبر الشخص المتباهي أن لديه ميزات واضحة في حين أن قد لا يمتلك هذه الميزات على الإطلاق …ولا حرج في استخدام الخيال والمبالغة ، ما لم يصل به إلى الكذب الصريح وقد اعتبر المبالغ أو المهول شخصية مألوفة .
المبالغة في التعبير عن الحب ، تجعل أحد طرفي العلاقة يشعر أنه فقد حريته، و”دخل السجن برجليه” ويبدأ يحن لأيام ما قبل الزواج، وبالتالي يحدث فجوة كبيرة بين الزوجين ،
مما يؤدي إلى المشاكل العاطفية ومن ثم للطلاق .
تعتبر المبالغة من الأمور المذمومة ،فقد قالت العرب قديما :
” إن الشئ إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده ”
كلنا نبالغ في ردود أفعالنا من وقت لآخر، ولكنها ليست عادة جيدة .
إذا كنت تجد نفسك تغضب ،أو تستاء أو تكون دفاعياً، بشكل غير متناسب تجاه مواقف وأشياء صغيرة، لا تستحق فعليا ردة الفعل هذه، فعليك السعي إلى محاولة التوقف عن ذلك.
في حياتنا اليومية تظهر المبالغة في كثير من المواقف،و الأحداث حتى
أصبح الناس يبالغون في المدح والذم وفي توصيفهم للأشياء لدرجة تدفعك لإجراء المزيد من البحث، والاستفسار من مصادر متعددة للوقوف على صحة ما سمعت.
أحياناً تظهر المبالغة
بغرض جذب الانتباه، مثل: تهويل الفرد في شعوره عن طريق المبالغة في تعبيراته العاطفية: وهذه هي الحيلة التي قد تستخدمها طفلة صغيرة، حيث تبرم وجهها بمبالغة وتجعله مقطب لتثير الشقفة تجاهها .
قد تحدث المبالغة في إظهار المشاعر، في المظهر، في التفاؤل، في التشاؤم ،و قد يميل الناس إلى المبالغة في كل شيء ، إلا أخطائهم يرونها لا تستحق النقاش .
قد نبالغ في مشاعر الخوف، والقلق، والحزن وتضخيم الأمور ،مما يؤثر على علاقتنا بالناس ويغضب كثيرين منا ،لذلك علينا التحكم بالمشاعر على سبيل المثال :
رئيس العمل، يرى أن في التحكم في الموظفين دليل على قوته وسير الأمور، وإن أخطأ أحد ولم ينفذ ما قيل له بالحرف الواحد، تصبح يومه أسود، ويعتبر الشخص بأنه إن لم يتصرف كما هو مطلوب سيصغر ذلك من مكانته، ويفقده زمام الأمور …
هذه المبالغة تجعل من الشخص مكروها ويتمنوا الموظفين لو تتم إقالته وتعيين غيره.
الاحترام لا يأتي بالشدة، والحزم المبالغ، بل يأتي من التصرفات التي تظهر بأنك قائد يعتمد عليه، ويستطيع الكل الرجوع إليك لأخذ الخبرة، قد تحتاج في بعض الوقت إلى إظهار الحزم في الأمور ومعاقبة المخطئين، ولكن لا يعني هذا أن تفصل نفسك عن موظفيك، بل كن كالأب قريب ولكن مُهاب.
المبالغة في الأمورتفقدك التحكم في نفسك و في تصرفاتك ، و هذا لا يعني عدم الانطلاق في المشاعر التي تحدد هويتنا الإنسانية، وإنما تداخل هذه المشاعر
و المبالغة فيها يحولها إلى مشكلة ، يجب أن تدرب نفسك على التحكم بهذه المشاعر .
ينبغي على العبد إذا فرح لأمر من الدنيا حصول مال أو وظيفة أو ولد أو قدوم غايب أن يكون معتدلا في فرحه ولا يجاوز في فرحه حدود الشرع فيسرف ويبذر ويستعمل نعمة الله في معاصيه ، فالإنسان يباح له إظهار الفرح والسرور عند حدوث نعمة ولكن ينهى عن البطر والأشر والخيلاء .
تجنب المبالغة في الأمور
ينبغي على الإنسان إذا أحب أن يكون معتدلا ولا يبالغ في ذلك ، وإذا حصل منه غلو في محبته فينبغي له أن يذكر مساوئ الآخر حتى يكون عنده اعتدال في ذلك المحبوب .
و كذلك ينبغي على الإنسان إذا أبغض أحدا أن يكون معتدلا في ذلك ولا يبالغ ، وإذا حصل منه مبالغة في بغضه فينبغي عليه أن ينظر إلى محاسنه حتى يكون عنده اعتدال في ذلك المبغوض .
الإنسان فطر على الحب والبغض والفرح والحزن وغير ذلك من المشاعر
لكنه مأمور بالاعتدال في إظهار هذي المشاعر
و عدم مجاوزة الحد المشروع فيها لأن المبالغة فيها تؤدي إلى الظلم
و عدم إظهار هذه المشاعر بالكلية و عدم الإكتراث بها يدل قلة الإحساس والجفاء وخلل في النفس ونقص في الرحمة والشفقة .
فقد قال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله ثم قال من لا يرحم لا يرحم رواه البخاري ، فالتوسط والإعتدال أمر حسن لا إفراط ولا تفريط.
يقول شاكر عبد الحميد عن المبالغة :
يملكون أفكاراً غير واقعية، أو اعتقادات عالية جداً خاصة بأنفسهم، أو يصنعون خططاً تتسم بالمبالغة ولا تتناسب مع كفاءتهم يحلمون بالطيران… إن الحلم يعوضهم عن نقائص شخصياتهم، وفقر واقعهم، والحصار المضروب حول حريتهم في الحركة والحياة.
عن نفسي أنا صديقة الأعداد القليلة والمشاعر القيمة .