المواقف تمسح من حياتك ناس وتضيف إلى حياتك ناس

مهما كانت الأقوال جميلة والادعاءات مثالية تبقى بلا قيمة أمام المواقف والتصرفات التي تحدث والتعرف على حقيقة ما يقال وما يتم ادعاؤه، فالمواقف تُريك الحقيقة كما هي بلا تنميق وتزييف، وتبين لك الأشياء بشكل واضح . فموقف واحد قد يغنيك عن آلاف الكلمات..فالقيم الإنسانية ليست مفاهيم نظرية وكلمات عابرة فقط، ولكنها مواقف حياتية تُثبتها الأفعال التطبيقية، لأنها تظهر حقيقية في واقعنا العملي لا في الأقوال التي تقال شفهيا أو كتابيا وحسب، من هنا يمكن أن نتساءل: في ماذا سيفيد كتابة المقالات والكتب والمؤلفات عن القيم الإنسانية إن كان النفاق والخيانة والظلم مترسخا في سلوكياتنا؟ وفي ماذا ستنفع أقوالنا التي نُسمعها لغيرنا وحروفنا التي نكتبها لهم إن كانت لا تتجسد في واقعنا العملي وفي أفعالنا وتصرفاتنا؟ بمعنى أننا ندعي أمورا ونتحدث فيها ونفتخر بها وهي لا توافق مواقفنا بل تكون على نقيضها؟..

وأغلب الأمور لا تقترن بالصدق والمصداقية لمجرد وصفها بذلك، فلا تظهر الحقيقة سوى المواقف،ولا يثبت إلا بها وتبرزها وإيمانك بها لوحدها هو الذي سيجعل منك إنسانا لا يترك أي مجال لأحد بأن يستغفله بالكلام المنمق أو بالوعود المغرية والأقوال الرنانة والكلام المعسول والتعهد بالوفاء والحب، ولكن حين تأتي وقت الشدة تفضحهم مواقفهم الجبانة فكن حذرا وأفق من غفلتك ولا تدع أمدها يطول، فالأحبة الحقيقيون لا تلدهم لك القرابة ولا الصدفة ولا الأيام بل تلدهم لك المواقف، وفي هذه الحياة يلزمك أن تلتفت لها لا لشيء آخر، فالصادقون هم أصحاب المواقف الذين يتبنون القيم الإنسانية كذلك الحياة لا تخلو من التعرض إلى المواقف التي تجبر المرء على التصرف بحكمة، كما أن الدنيا مليئة بالمواقف التي تساعدك على التعلم في كل ما تواجهه وتخطو بذلك خطوة نحو الأفضل، فالمواقف هي التي تجعلك تعيد النظر في كثير من علاقاتك الإنسانية والاجتماعية والعاطفية، وستدرك لا محالة أنه من الضروري أن تدع المواقف الحياتية تأخذ مجراها لكي تثبت لك حقيقة أمور كثيرة وتظهر لك مدى صدق الإنسان الذي يتبجح والمواقف هي المصدر الحقيقي الذي يرفع اشخاص ويخفض آخرين، وتكشف لك معدن الإنسان وما في باطنه ..