محمد الرياني


محمد رياني
أحبُّ المطر، يُغرقُ رأسي، يغسلُ جسدي، تسبحُ فيه قدماي، تعبثُ بوحله أصابعي، أكتبُ له وعنه وفيه، أذهبُ إلى الشاطئ، أُحلقُ ببصري في السماء، تدنو عينايَ من الأرضِ لتبصرَ مافعله المطرُ على الأرض، تبزغُ على الشطِّ رؤوسُ الحسان، يأتينَ مثلي من كلُّ فج، يغازلنَ البحر ، يتنفسنَ كما تفعلُ الطيورُ البيض ، يُحلِّقنَ بلا أجنحة، يبدو ذلك من فرحهنَّ العارم ، أبدو وكأنني البحرُ عند نزولِ المطر، تسكبُ عليَّ رشَّاتُ المطر، تُمتعني، تُسلِّيني، تزيلُ ذراتِ الرملِ التي التصقتْ بقدمي ، أكادُ أغرقُ من فرطِ حبي للكائنِ الأزرقِ الذي يمتدُّ بلا حدود، أحاولُ أن أُلقي بجسدي في البحرِ لأسكنه ، أكسرُ قاعدةَ الخوفِ منه ، أبحثُ عن حلٍّ لأمشي عليه كما مشيتُ على اليابسةِ ولكن هيهات!!
يبقى على الشاطئ بعضُ الفاتنات، لاألتفتُ إلى صياحهنَّ عندَ اشتدادِ المطر، أو هروبِ النوارسِ بحثًا عن ملجأ، أتركُ رأسي لزخاتِ المطر، أشهقُ من البردِ ومن النظراتِ القادمةِ من بعيد، يختفي السحابُ بعد أن سكبَ كلَّ مافي أحشائه من حبٍّ إلى الأرض، تعودُ النوارسُ من جديد، تُطلُّ الشمسُ كالعروسِ بلباسها الذهبي، أجلسُ سعيدًا بثيابي المبللة، أكتبُ على الشاطئ بعضَ حبي الذي لم أظهره لأحد ، تحومُ النوارسُ حولي ، أشك أنها جاءتْ لتكشفَ أسراري وتسلبَ الحروف ، أغادرُ البحرَ والشمسَ والطيورَ المنتشيةَ من المطر، كنتُ مثلَ المطرِ على الشاطئ أنهى مهمتَه وغادر، تركتُ النوارسَ لتحومَ حول البحرَ الذي أخفى زرقتَه الظلامُ .