مرَّتْ ولم تنتبه


محمد رياني
شمرَّتْ من أمامي ولم تنتبه، داست قدمي الموجوعةَ ومعها السليمة، ناديتُها! تركتْني أتألم؛ صحتُ من الألم وأنا أستغيث، الذين أحضروني لفحص الأشعة كانوا يعتقدون أني بخير وأن إصابتي لاتستدعي مني كل هذا الخوف، لم أشأ أن أفضحَ صاحبةَ الكعبِ العالي الذي مزق أوتاري من الداخل ولم تتوقف لإنقاذي، جاء دوري للدخول وقدمي لاتزال تؤلمني، قالت لي صاحبةُ معطفٍ أبيض طويلة ورشيقة يبدو أنك خواف ؛ كيف لو وضعوا في عضدكَ أو فخذكَ إبرةً أو اثنتين، ازددتُ ألمًا من استفزازها، تمنيتُ لو كنتُ أستطيع مغادرةَ مقعدي المتحرك لانتقمتُ منها، أخيرًا حركوا مقعدي نحو جهازِ التصوير، كانت المفاجأة! صورةُ دائرةِ الكعبِ العالي بدتْ واضحةً في الأشعة، بعضُ التهتُّكِ أصابَ طرفَ إصبعِ قدمي، اعتذروا مني وقالوا لقد كنتَ على حق، سألوني من فعل بك هذا وقد أتيتَ سليمًا باستثناءِ تصويرٍ لشيءٍ مشتبهٍ فيه، قلتُ لهم وعلى فمي ضحكٌ وبكاء : صاحبةُ الكعبِ العالي داستْ قدمي فلم تنتظر ولم تعتذر، أعادوني وقد وضعوا حول قدمي لفافةً بيضاء، قلتُ لهم أعيدوني إلى الممر، انتظرتُ لعلها تعود لأقتصَّ منها، أقبلتْ بالفعل وبيدها كأسٌ من عصير، عرفتُها من صوتِ قرعِ نعلها العالي، استوقفتُها وقد تراجعتُ للخلف، ناديتُ على أقربِ صاحبةِ معطف، اجتمعا عليَّ؛ من اتهمني بالجبنِ والخوفِ ومن زرعَ في قدمي الألم، اكتشفتُ أنهما صديقتان، عرفتُ ذلك من احتضانهما لبعض، أغمضتُ عيني وقلتُ لنفسي ضاع حقُّكَ بين الأحضان، صبرتُ على ألمي وعدتُ إلى غرفتي لأعالجَ موضعَ إصابتي بنفسي، فجأةً دخلتا عليَّ بباقةِ وردٍ مختلطةٍ صفراء وبيضاء تشبه لونهما ومعهما كأسُ عصير ٍوقطعة كعك، طلبتا مني العفو، كتبتا بخطين مختلفين على باقةِ الوردِ إنك أشجعُ مما كنا نتوقعه، ألفُ ألفُ سلامة، إذا عدتَ إلى الممرِّ ضع قدميكَ تحتَ الكرسي الذي تجلس عليه وضُمَْهما مع بعض، ضممتُ الباقةَ الفاخرةَ ونسيتُ الألم.