أَنهارُ الحب


محمد الرياني
جمعَهما فارقُ العمر ، بادَرتْه الحُبَّ بعدَ صدمةٍ من قبل لم تنجح ، لم يستطع أن يعبِّرَ لها عن شعورِه نحوَها ، كانت هائلةً وفي قمةِ الرومانسيةِ وهي تٌغدقُ عليه الحُبَّ وقد استسلمَ فانحبستْ كلماتُه ، قال لها : لايزالُ أمامكِ العمر ، قالت : لاتزالُ في ربيعكَ وبيننا فرقٌ من العمرِ يذيبُه الحُب ، تفجرتْ أنهارُ الغرامِ داخله ، أعاد ترتيبَ نفسِه من جديد ، أخفى بعضَ شعراتِه البيضاء ، رأتْه يومًا فقالت : الليالي تزينُها الأقمارُ ياقَمرًا ، عاد يلبسُ قمصانَه في عُمرِ الصبا ، نظرَ إلى صورتِه في المرآةِ ،عينيه السوداوين الواسعتين ، ابتسامتِه وقد ظهرتْ أسنانُه كأروعِ ماتكون ، وعدَها أن تكون أسعدَ مخلوقٍ على الأرض ، وأنَّ الربيعَ سيحجبُ كلَّ الفصول ، قالت له يومًا : اهتمَّ بصحتكَ أكثر ، هل مارستَ الرياضةَ اليوم ؟
هل شربتَ عصيرَ البرتقالِ الطبيعي؟
هل تناولتَ ساندوتشكَ المفضل ؟
كان يجيبُها بنعم وهو يضعُ أصابعَ يدِه اليمنى في منتصفِ شعرِه الأسودِ الكثيف .
استمرتْ تسأله ! ماذا تصنعُ وأنتَ تكلمني؟
قال لها أمسِّدُ شعري بارتياح .
قالت له : عندما أكون عندكَ لن تحتاجَ يدكَ لتصفيفِ شعركَ ومداعبته .
أنا سأكفيك ذلك .
تواعدا وقد نسيَا الفَرق ، كبرَا ولم تتحقق أمانيها وأمانيه ، ازدادَ البياضُ في الشعرِ الجميل ، سألتْه يومًا وقد تعذَّر اللقاءُ ماذا تصنع ؟
ردَّ عليها بآهاتٍ محترقة : أضعُ أصابعَ يدي في منتصف رأسي .
أجابته بتهكُّمٍ غريب : تعني شعركَ الأبيض !
استغربَ ونزعَ يدهَ من رأسِه وأغلقَ هاتفَه كي لا يسمعَها .
اتصلتْ عليه من جديدٍ .
ظنَّ أنها تريدُ الاعتذار .
قال لها بعد الجفاف :
لقد انهارَ كلُّ شيء .
هناك فرقٌ بين أنهارٍ ينبتُ على ضفافِها الحُب ، وبين حبٍّ ينهارُ عندما يشتعلُ الشَّعَر .
اختفى صوتُها ، انهارَ الحبُّ ونضبتْ أنهاره.