مقالات

خواطر رمضانيه…الفقد و الحنين

زينة سليم سالم البلوشي

زينة سليم سالم البلوشي

يحل رمضان كل عام ليبعث في الحياة نورا يملأ الأرجاء بصوت المآذن الذي يخترق القلوب لكن بين طيات هذا الشهر المبارك يتسلل الحنين بصمت كيف له أن يكون كما كان وأنا في كل عام أفقد روحا كانت جزءا مني حتى بات جسدي فارغا من الدفء والسكينة أفقد وجوها كانت تضيء أيامي وتنير طريقي وتمنحني القوة للمضي قدما

عمتي الغالية وأمي الثانية يا من احتضنتني بحبك ورعيتني بحنانك وعلمتني معنى الحياة رحلتِ عني لكنكِ باقية في روحي لا تفارقين نبضي إلى من كانت ابتسامتها نورا يضيء قلبي وفرحا يسكن أيامي إلى من كان دفء أحضانها يشبه قدوم رمضان بحلاوته وسكينته إلى تلك العمة الرائعة التي لم تحتج يوما إلى كلمات لتفصح عن مشاعرها فقد كانت مشاعرها تفيض صدقا كالشمس في غسق الدجى رحيلك جرح غائر لا يندمل ألم تسلل إلى أعماقي وترك روحي وحيدة لا تطيق الحياة وكأنني أصبحت جسدا بلا روح أشتاق لصوتك الذي كان يملأ المكان دفئا وضحكاتك التي كانت تسعد قلبي أفتقد احتواءك ووجودك الذي كان يملأ حياتي أتحسر على كل لحظة لم أدرك فيها قيمتك وأشعر بندم لا يزول على لحظات ربما أحزنتك فيها سامحيني يا غاليتي لو كنت أعلم أن فراقك سيؤلمني بهذا القدر لما تركتك لحظة ولعشت معك كل لحظة كأنها الأخيرة لكن هذا قضاء الله ولا اعتراض على حكمه أخشى أن تتلاشى ذكرياتك مع الزمن كأوراق تتناثر مع الريح أخشى أن أنسى ملامحك وتفاصيلك وأخشى أن يصبح حبك مجرد ذكرى باهتة ليت الموت كان له رجوع لأعانقك مرة أخرى وأقبل جبينك وأخبرك كم كنتِ نعمة في حياتي لو عاد بك الزمن لكنت فعلت كل ما يسعدك فقط لأراك راضية هانئة مطمئنة أحبك و رمضانك في الجنة أجمل

أما عن أبي فماذا أقول وكيف أعبر لا أدري كيف أصف مشاعري المتلخبطة كيف يأتي رمضان شهر الخير والبركة وأنت لست بيننا؟  كيف يمر الأفطار دون سماع صوتك دون حديثك الذي كان يملأ المكان دفئا وطمأنينة ؟  افتقدك كثيرا افتقد صوتك وحنانك وعطفك افتقد خطواتك التي كانت تنشر الامان في كل زاوية من البيت كنت السند الذي استند عليه واليد التي تمسك بيدي حين اتعثر غيابك جعلني اشعر وكأنني بلا حماية بلا ملجأ بلا سند وعضد يدافع عني أو يساندني بعد رحيلك تغير كل شيء صار للحياة طعم غريب صار كل شيء ناقصا وكأن فقدك أخذ معه جزءا مني لم يعد رمضان كما كان لم يعد له طعم ولا روح فكيف يكون له مذاق وأنت لست هنا؟  ولكنني أعلم أن الله قد اختارك لتكون في جناته حيث النعيم الذي لا ينتهي وحيث رمضان هناك أجمل وأروع

جدي وجدتي كيف لي أن انساكم كيف لي أن أنسى لحظاتنا الجميلة وجمعاتنا التي كانت تمتلئ بالحب والدفء ؟  كيف لي أن أنسى دعواتكم التي كانت تحيطنا بالبركة ونصائحكم التي كنتم ترددونها وكأنها تراتيل مقدسة ؟  كيف لي ان أنسى قصصكم التي كنتم تسردونها لنا ليلا ونهارا بلهجة مليئة بالحكمة؟  كيف لي أن أنسى رمضان الذي كان يجمعني معكم و استمع إلى أحاديثكم التي كنت انصت إليها بكل حب؟ كيف رحلتم واحدا تلو الآخر ؟ كيف اختفيتم دون وداع وكأن الحياة قررت أن تسلب مني أجمل ما فيها فراقكم كان صعبا كان موجعا تركتم فراغا في داخلي لا يملؤه شيء مهما ازدحمت الحياة ومهما امتلأت الأيام بالناس والضجيج لا شيء يعوض مكانكم لا شيء يعيد ذلك الدفء الذي كنتم تمنحونه فقط بوجودكم

في هذا الشهر المبارك يتضاعف الشوق ويتعاظم الحنين وتعود الذكريات لتسكن الروح مع كل دعاء وفي كل آية ومع كل تأمل أستحضر وجوهكم الغائبة وأشعر بفراغكم الذي لا يمتلئ افتقدكم بكل كياني وأحن إليكم بكل جوارحي لكنني على يقين بأن الموت ليس نهاية الطريق وأن الأرواح الطاهرة تظل تحلق حول من تحب أنتم في روحي في قلبي في ذاكرتي لا تفارقون دعائي ولا تغيبون عن صدقاتي التي أخرجها بأسمائكم أنتم في دموعي التي لم تجف وفي لحظات تأملي التي تأخذني إليكم أدعو الله دائما أن يرحمكم برحمته التي وسعت كل شيء أن يجعلكم من أهل الجنان وأن يسكنكم الفردوس الأعلى أن يغفر لكم كل ذنوبكم صغيرها وكبيرها أن يظلكم بظله يوم لا ظل إلا ظله وأظل أرجوه والدمع ينهمر من عيني كنهر جار أن يجمعني بكم في جناته حيث لا فراق ولا ألم

رحمكم الله جميعا يا من كنتم نبض روحي وقطعة من سعادتي يا من كانت بسمتكم تضيء أيامي وأرواحكم تمنحني الأمان جعل الله رمضانكم في جنات النعيم أجمل وأحلى وأروع وجمعني بكم في دار لا يفنى نعيمها ولا ينقطع وصلها.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى