فرصة حياتية

الحياة فرصة لاتعوض : ما من أحدٍ في الحياة الدنيا إلا ويعاني فالسرور قليل فيها والمحن كثيرة قال الشافعي رضي الله عنه مِحنُ الزمان كثيرةٌ لا تنقضي : وسروره يأتيك كالأعياد فلا راحة لإنسان فيها فلكل نصيبٌ من حالها المتقلب بين الضيق والفَرَجِ الذي لا يستثني أحدًا . فالحياة لا تدوم لأحدِ على حال وصدق الله العظيم إذ يقول في سورة آل عمران “وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ” فهي خليط بين الشدة واللين والاجتماع والفرقة والنجاح والفشل فهي أحوال تتبدل وتتغير بين الآمالِ والآم والحسراتِ فدوام الحالِ فيها من المحال ، فنحن نعيشُ فيها حالاً بعد حال قال تعالى في كتابه الكريم في سورة الانشقاق “لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ” فليس كل فرحِ باقٍ فيها ولا كل حزنٍ وألمِ دائم فيها لنتأمل جيدًا في أحوالنا وأحوالِ غيرنا ألم نفرح ونبكي ونحزن ونتحسر ونتألم في يومٍ من الأيام فهل بقيت أيامُ على حال ؟! ألم تنتهي وتصبح كل تلك الأيام بعد انقضائها ذكرى في النفوس وحديثًا في المجالس بيننا ؟!

 

فهي سنة الله التي لا تتبدل مع عباده ليمتحن صبرهم وقوة إيمانهم على حالهم المتقلب بين الخير والشر “وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً” سورة الأنبياء ويجزي الصابرين على ذلك من فضله “وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” سورة النحل وسبحانه تعالى فإنه لا يحملُ النفس أكثر مما تطيقه وصدق حين قال في سورة البقرة “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”. فهذا هو الحالُ في هذه الحياة الدنيا وأنت لن تكون استثناءً فيها فهون عليك ولا تحزن على أمر قد مضى فيها فلعله كان شرًا مستطر ومضى ، ولا تقلق على أمر ما زال في علم الغيب ، وأعلم أن كل شيئ سيصيبك فيها له حكمة لا يعلمها سواه سبحانه وتعالى حتى في وخزات الآلم ففي طيات المِحن تَكمنُ المِنح والعطاء !

فارضَ بما يصيبك فيها ، وتعلم الدرس من ماضيها ، فلا تضيع الحاضر من أجل التفكير في المستقبل ، أو تتخلى عما في يديك من أجل أحلام لم تحققها . فالحياة لا تقف بل تستمر في المضي وأيامها لا تتكرر مرتين فهي مثل نبع الماء دائمِ الجريان يتغير فيه الماء باستمرار وبلا توقف ، فلا تستسلم لأبسط صعابها ، ولا تتألم من أبسط عثراتها فتتوقف . وتوكل على الله القادر المقتدر المدبر .

فالحياة نعيشها مرة واحدة وهي فرصة لاتعوض .

خربشات حرفٍ مجنون في سطور .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى