قصة مع سرب الحمام … الجزء الأول


سميره التميمي
كعادتها تصعد عصرا لسطح منزلهم،حاملة بعض كتبها الدراسية، وثلاجة القهوة وبعض الحلويات وسجادتها الأنيقة، هناك نسيم خفيف، وشمس دافئة تعانق محياها و يجدد نشاطها لتستطيع الاستذكار جيدا، كان يلفت نظرها اسراب من الطيور تروح وتغدو على سطح المنزل المجاور، يذهلها الألوان الجميلة ويعانق قلبها رفيف اجنحتها بصوت هديلها الأخاذ فيسرق ماتبقى من تركيزها ولا تستطيع حينها كبح جماح فضولها لاكتشاف السر، وقفت تنظر من نافذة السطح، فإذا بأسراب الحمام كلها ترفرف فوق سطح منزل جيرانهم، أسندت وجهها بين كفيها وهي تبتسم وظلت تراقب السرب، وعينيها تجول هنا وهناك مع هذا الحمام الذي فوق ذلك المكان استكان، أو مع آخر حلق بقلبها وهام!!
ظلت تراقب الحمام هكذا اسبوع تلو اسبوع، حتى لفت انتباهها شخص يغطي الحمام كتفيه وراسه، توارت سريعا في استحياء بعيدا عن النافذة وصارت تتلصص في خفاء وتحدق النظر في ذلك الخيال الذي رأته يشبه إنسان! حتى ايقنت انه ابن جيرانهم الذي يكبرها بعامين،
جلست على الأرض بسرعة واستندت نحو الجدار في دهشة وخوف قائلة : ياويلي هل كان يراني وانا أقف هنا يوميا؟
اطرقت راسها في خجل، ولم تعد تصعد السطح منذ أن اكتشفت من أخيها ان هذا الخيال كان لناصر ابن جيرانهم وان هذا عادته يوميا!! فقد كان مهتم جدا بتربية الحمام وشغوف بذلك.
عقب فهد اخوها بعد سؤالها قائلا : انتبهي حين تصعدين حتى لايراك وإياك أن تقفي على النافذة المطلة لمنزلهم.
نظرت نوال لأخيها نظرات خجولة و منكسرة. وقالت لكني فعلت ذلك كثيرا، صدقني لم أكن اعرف!
فهد : وهل رآك؟
نوال : لا أعلم، لكني لم أكن ألمحه أبدا، ولما رأيته مرة بالصدفة أسرعت بالاختباء، لكن يبدو أنه لم يراني لقد كان مشغولا بشي ما!!
فهد : حسنا حسنا ياصغيرتي ، لكن في المرة القادمة احذري، والأفضل ان ترتدي حجابك للاحتياط!
………….
خرجت نوال من غرفة أخيها بعد أن عانقها مطمئنا لها
ومداعبا خديها وغمازتيها الجميلتين
وفي غرفتها…
كانت تتمتم لدواخلها لماذا لم أكن أراه!
هل كان يسخر من وقوفي الطويل!
هل كان يراقبني في الخفاء دون أن أشعر؟؟
يال غبائي كان عليَْ أن أعرف أنه لابد أن يكون هناك شخص يهتم بكل هذا السرب من الحمام!
دفنت رأسها بين كومة الكتب والأوراق وهي تشعر بعصف من الأسئلة التي دمرت تفكيرها وشوشت لحظتها الهادئة!
………….
في المدرسة….
التقت بنات الحارة كعادتهن في وقت الفسحة، غمزت اماني لنوال انها تريدها في حديث على انفراد
اماني هي آلاخت التوأم لناصر وأما وفاء ابنت عمه وجميعهن يدرسن في نفس المدرسة لكن اماني تسبقهن حيث تدرس بالصف الثالث الثانوي بينما نوال ووفاء في الصف الأول الثانوي
أماني : لماذا لم تعودي تصعدي للسطح؟
خفق قلب نوال بشدة وهي تنظر لأماني في دهشة وتلعثمت الحروف بين شفتيها، ولم تستطع ان تقول كلمة واحدة!!
كانت تشعر أن العالم كله يعرف بقصتها التي حدثت في سطع المنزل ذلك المساء، اطرقت برأسها واحمرت وجنتيها
أمسكت اماني براس نوال ترفعه مابك!
ردت نوال بإنفعال : لاشيء لقد رأيت اخاك في السطح منذ اسبوعين ومنذ عرفت ذلك لم أعد أجرؤ على الصعود
ابتسمت اماني وهي تخفض صوتها قائلة : مابك ماهذا الانفعال لقد اسمعتي المدرسةكلها!!
التفتت نوال حولها في خجل وابتسمت في صمت
اماني : انا أسفة واعتذر وانقل لك اعتذار اخي لقد أخبرني بذلك!
نوال : ماذا هل كان يراني؟
اماني :نعم!
دهشت نوال وهي تمسك بيد اماني وتهزها بقوة قائلة : وذموعها تتساقط لا أصدق هل كان يراني بوضوح، ماهذه الجرأة؟
ابتسمت اماني وهدات من روعها وقالت :اطمئني وهدأي من روعك، لقد كانت مجرد صدفة، لاتضخمي الأمور!
نظرت نوال في دهشة نحو اماني لكن قاطعتهما حضور وفاء ابنة عمها وهي قادمة من بعيد تتسائل قائلة :ماهذه الأسرار العميقة يابنت عمي؟؟
لقد رن جرس انتهاء الفسحة ولم تسمعا يبدو أن الموضوع خطيير!!
ضحكت أمانى وقالت: لاشيء لاشيء اطمئني هيا بنا ونلتقي في وقت الانصراف إن شاء الله، وداعا
وفاء : وداعا
نوال : إلى اللقاء!!
يتبع…